في السنوات الأخيرة، شهدت السوق العقارية في المملكة العربية السعودية تحولات هامة نتيجة لتأثير العوامل الاقتصادية المحلية والعالمية. يعتبر سوق العقارات في السعودية من بين الأسواق الحيوية والمتطورة، حيث تلعب العوامل الاقتصادية دورًا بارزًا في تشكيل هذا السوق وتحديد اتجاهاته. في هذا المقال، سنقوم بتحليل بعض العوامل الاقتصادية الرئيسية التي تؤثر على سوق العقارات في المملكة العربية السعودية.
في عام 2023، حافظت السوق العقارية السعودية على مستوى صفقاتها السنوية بقيمة إجمالية تجاوزت 277 مليار ريال (74 مليار دولار)، مقارنةً بـ223.5 مليار ريال في العام 2022 بحسب صحيفة الشرق الأوسط. وسجلت إحصاءات السوق استمرارًا في حجم مساحة الصفقات بحوالي مليار متر مربع لكل من عامي 2023 و2022، بينما شهد عدد الصفقات العقارية انخفاضًا بنسبة 20 في المائة من 325 ألفًا إلى 260 ألفًا. ولاحظنا انخفاضًا بارزًا في الأحياء الخارجية وعلى أطراف المدن، خاصة في مدينة الرياض. ويستمر النمو حتى الان فى عام 2024 حيث يزداد معند النمو فى السوق العقاري السعودي حتى يصل إلى 100 مليار دولار بحلول 2030.
تأثير النمو الاقتصادي على الطلب العقاري
تأثير النمو الاقتصادي على الطلب العقاري في السعودية يعكس تطورات الاقتصاد الوطني وتأثيراتها المباشرة على سوق العقارات. على الرغم من التحديات الاقتصادية العالمية، نجحت المملكة العربية السعودية في تبني استراتيجيات تنمية متنوعة وتعزيز مصادر الدخل غير النفطية. ممّا ساهم في تحقيق استقرار النمو الاقتصادي على المدى الطويل. هذا التنويع في مصادر الدخل وتحسين البنية التحتية الاقتصادية يعكس استراتيجية السعودية نحو تعزيز الاستقرار والاستدامة في السوق العقاري.
نتيجة لهذا التطور الاقتصادي، شهدت السعودية زيادة في معدلات الطلب على العقارات، سواء كان ذلك للسكن أو للاستثمار. ارتفعت معدلات الهجرة الداخلية والخارجية نحو المدن الرئيسية، ممّا زاد من الضغط على سوق العقارات في تلك المناطق. تلبية هذا الطلب المتزايد أدى إلى زيادة في الأسعار والإيجارات، خاصة في المناطق الحضرية الرئيسية مثل الرياض وجدة والدمام. بالإضافة إلى ذلك، يعكس ارتفاع معدلات الطلب العقاري التفاؤل الاقتصادي والثقة في المستقبل. ممّا يجعل العقارات في المملكة خيارًا جذابًا للمستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء.
اذا اردت ان تعرف المزيد ايضا عن تأثير الأحداث العالمية على سوق العقارات السعودي
سياسات الحكومة والاستثمارات العامة
سياسات الحكومة والاستثمارات العامة تلعب دورًا حيويًا في توجيه السوق العقاري في المملكة العربية السعودية. تتبنى الحكومة سياسات رشيدة تهدف إلى تعزيز القطاع العقاري وجذب المزيد من الاستثمارات. على سبيل المثال، تمثل برامج التنمية العمرانية ورؤية المملكة 2030 مبادرات رئيسية تهدف إلى تطوير البنية التحتية وتعزيز الاستدامة الاقتصادية.
من خلال استثمارات ضخمة في المشاريع العمرانية والتطويرية، تعزز الحكومة الثقة في السوق العقاري وتفتح بابًا لفرص استثمارية جديدة. تشمل هذه المشاريع تطوير المدن، وبناء الإسكان، وتطوير المناطق الصناعية، وتحسين البنية التحتية للنقل والطرق. تسهم هذه الاستثمارات العامة في تحفيز النشاط الاقتصادي وتعزيز التنمية الشاملة في المملكة. ممّا يعكس التزام الحكومة بتوفير بيئة استثمارية ملائمة ومستدامة للقطاع العقاري.
لقد قامت الحكومة بدور حيوي في توجيه سوق العقارات من خلال سياساتها ومبادراتها المتنوعة، مثل إعفاء المعاملات العقارية من ضريبة القيمة المضافة بنسبة 15٪ وتخفيف ضريبة الأملاك، مما أدى إلى تعزيز نشاط سوق العقارات السكنية. إلى جانب ذلك، أحدثت الإصلاحات الاقتصادية تحولًا كبيرًا في سوق العقارات بالمملكة، مما أفتح الباب أمام فرص استثمارية جديدة وزيادة الاستقرار في السوق.
الرقم القياسي لأسعار العقارات
سجلت الأسعار العقارية في المملكة العربية السعودية ارتفاعًا خلال الربع الأول من عام 2024، حيث ارتفعت بنسبة 0.6% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وفقًا للبيانات الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء. وبحسب هذه البيانات، بلغ الرقم القياسي لأسعار العقارات 83.0 نقطة خلال الربع الأول من 2024 بناءً على سنة الأساس 2014، مقارنة بـ 82.5 نقطة خلال نفس الفترة من عام 2023.
يستخدم الرقم القياسي لأسعار العقارات في السعودية، الذي حددها الهيئة العامة للإحصاء، سنة 2014 كسنة أساس (100 نقطة) لحساب التغيرات في الأسعار على مر السنوات. ويتم تحديث هذا الرقم القياسي بانتظام لتعكس التغيرات الاقتصادية والسوقية في البلاد، مما يساعد في فهم وتحليل الاتجاهات في سوق العقارات وتقدير القيم العقارية.
كما أفاد تقرير صادر عن ‘أوشن إكس‘ بأن القيمة المقدرة لسوق العقارات في دول مجلس التعاون الخليجي من المتوقع أن تصل إلى 4.55 تريليون دولار خلال عام 2024، ما يعادل 17 تريليون ريال. وأظهر التقرير أن العقارات السكنية تحتل نسبة 67.2% من قيمة هذا السوق، في حين يبلغ مساهم العقارات التجارية 32.8%.
ومن المتوقع أن يشهد سوق العقارات السكنية ارتفاعًا في عدد العقارات، حيث من المتوقع أن يصل عددها إلى 6.9 مليون عقار في عام 2024. ويتوقع التقرير أن يستمر هذا الاتجاه بزيادة أعداد العقارات السكنية لتصل إلى 7.3 مليون عقار بنهاية عام 2028.
النمو السكاني
النمو السكاني يعتبر عاملًا حيويًا في تشكيل سوق العقارات في المملكة العربية السعودية. يشهد البلد نموًا سكانيًا متسارعًا نتيجة للعوامل الديموغرافية مثل الزيادة في عدد السكان وتغير هيكل الأسرة والتوزيع الجغرافي للسكان. هذا النمو السكاني يولد طلبًا متزايدًا على العقارات، خاصة في المدن الكبيرة مثل الرياض وجدة والدمام. حيث يتركز معظم النمو السكاني.
مع زيادة الطلب على السكن، يتزايد الضغط على العرض المتاح، ممّا ينعكس عادة في ارتفاع الأسعار والإيجارات في تلك المناطق. هذا يعكس تحديًا كبيرًا يواجه السوق العقاري، حيث تحتاج الحكومة والقطاع الخاص إلى التفكير بشكل استراتيجي في كيفية تلبية الطلب المتزايد على السكن. وتوفير خيارات متنوعة وميسرة للمواطنين والمقيمين. تتطلب هذه التحديات تنسيقاً فعالاً بين السياسات العامة والاستراتيجيات الاستثمارية لضمان تلبية الاحتياجات السكانية وضمان استدامة السوق العقاري.
أسعار النفط من العوامل الاقتصادية
تلعب أسعار النفط دورًا حاسمًا في اقتصاد المملكة العربية السعودية. حيث تعتبر الصادرات النفطية من أهم مصادر الدخل للبلاد. وتسهم بشكل كبير في تمويل الميزانية العامة ودعم البرامج التنموية والاستثمارات الحكومية في العديد من القطاعات، بما في ذلك العقارات.
عندما تنخفض أسعار النفط، يتأثر الاقتصاد السعودي سلبًا بشكل عام. فالانخفاض في الإيرادات النفطية يقلل من القدرة على تمويل البرامج الحكومية والمشاريع التنموية. ممّا يؤدي إلى تباطؤ في النشاط الاقتصادي وزيادة الضغوط على الموارد المالية للحكومة.
تأثير انخفاض أسعار النفط يمكن أن يكون له تداعيات سلبية على قطاع العقارات أيضًا. حيث يمكن أن يقلل الركود الاقتصادي الناتج عن انخفاض أسعار النفط من الثقة في السوق العقاري ويقلل من الاستثمارات في مشاريع التطوير العقاري والبنية التحتية. وبالتالي، قد يتراجع الطلب على العقارات مع انخفاض القدرة الشرائية للمستهلكين والمستثمرين. ممّا يؤدي في النهاية إلى ضغط على الأسعار والإيجارات في السوق العقاري.
تتوقع ستاندرد آند بورز أن يسجل النمو الاقتصادي في منطقة الخليج نسبة تتراوح بين 2 % إلى 3 % خلال العام الحالي، مع استمرار النمو المستدام الذي يعتمد بشكل كبير على القطاع النفطي. كما أنها تتوقع وزيادة قوية في النشاط الاقتصادي غير النفطي في الإمارات والسعودية بنسبة تتراوح بين 4 % إلى 5 %. يعود هذا الارتفاع إلى الاستثمارات العامة الكبيرة وتدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وأضافت ستاندرد آند بورز أن أكثر من 85 % من الشركات العقارية في دول الخليج مستقرة ولكن تواجه تحديات من التوترات الجيوسياسية والتقلبات الاقتصادية العالمية والإقليمية. وقد يؤدي تباطؤ الاقتصاد العالمي إلى ضعف الطلب من المستثمرين الأجانب وتقليل الطلب على النفط من المشترين الإقليميين.
التحديات التي يواجهها سوق العقارات
تلك التحديات هي عوامل رئيسية تؤثر على سوق العقارات في السعودية. بدايةً، نقص التمويل يعيق القدرة على الشراء والاستثمار في العقارات. حيث يصعب على الأفراد الحصول على تمويل عقاري بأسعار فائدة مناسبة. هذا يقلل من عدد العمليات الشرائية ويقلل من حجم الطلب على العقارات، ممّا يؤثر سلبًا على سوق العقارات بشكل عام.
من جهة أخرى، تعتبر البيروقراطية والإجراءات البيروقراطية المعقدة عائقًا أيضًا أمام المستثمرين والمطورين. فعملية الحصول على التصاريح والتراخيص قد تكون بطيئة ومعقدة، ممّا يؤدي إلى تأخيرات في تنفيذ المشاريع العقارية وزيادة تكاليفها.
أما نقص الأراضي المتاحة للتطوير العقاري، فهو يعتبر تحديًا كبيرًا خاصة في المدن الكبرى حيث تكثر الطلبات على العقارات. هذا النقص يمكن أن يؤدي إلى زيادة في أسعار الأراضي المتاحة وبالتالي زيادة في تكاليف المشاريع العقارية، ممّا يجعلها غير ميسرة للمطورين والمستثمرين.
يمكنك معرفة الجديد في عقارتنا
توقعات السوق العقاري السعودي
من المتوقع أن يرتفع حجم سوق العقارات في السعودية إلى 94.19 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2028، مما يسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 8.8 % بحلول عام 2030. ومن المتوقع أيضًا زيادة نسبة العاملين في القطاع العقاري بمقدار 2.57% سنويًا بحلول نفس العام، وفقًا لرؤية المملكة المستقبلية.
من المتوقع أن يصل حجم سوق العقارات التجارية في السعودية إلى 31.35 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2028، ومن المتوقع أن يؤثر زيادة فرص الاستثمار وسهولة السفر التي تشجعها المطارات الدولية بشكل إيجابي على التوسع في القطاع التجاري، خاصة في الرياض، المركز الرئيسي للأعمال بالمنطقة الغربية.
من المتوقع زيادة الطلب على المكاتب الإدارية في المدن الرئيسية في المملكة مع بدء تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية ضمن خطة التحول الوطني ورؤية المملكة 2030، مما يدعم النمو والازدهار في سوق العقارات في السعودية. ومن المتوقع أن يستمر النمو والازدهار في سوق العقارات في السعودية مع استمرار تنفيذ رؤية المملكة 2030، وتشير توقعات المستقبل إلى زيادة المشروعات العقارية وتنوع السوق العقاري، مما يجعل سوق العقارات في المملكة العربية السعودية محط أنظار المستثمرين على المدى القصير والبعيد.
خاتمة
في الختام، يتضح من تحليل سوق العقارات في المملكة العربية السعودية وجود عدة عوامل تؤثر عليه بشكل مباشر، وتشمل هذه العوامل الاقتصادية، السكانية، والحكومية. عند مراجعة أسعار الفائدة، معدلات التضخم، والنمو الاقتصادي، يصبح بالإمكان تحديد اتجاهات السوق وتقدير مدى استقراره.
بالإضافة إلى ذلك، يلعب عدد السكان وتوزيعهم الجغرافي دوراً بارزاً في تحديد مستوى الطلب على العقارات. في حين تلعب القوانين والتشريعات الحكومية، وبرامج الدعم، دوراً حيوياً في توجيه الاستثمارات وتعزيز الثقة في السوق. ومن المتوقع، مع التركيز المستمر على تطوير المشاريع البنية التحتية، أن يظل سوق العقارات في المملكة العربية السعودية قوياً ومستقراً في المستقبل المنظور.